صالح بن مسرح الناسك الثائر

الملخص

حملت فرقة الخوارج لواء التمرد على السلطة السياسية  منذ تكوينهم كايدولوجيا سياسية في عهد علي بن أبي طالب, وقد ظهرت العديد من ثورات الخوارج إبان العصر الراشدي والعصر الأموي ولكن ثورة من هذه الثورات تميزت عن غيرها ليس بما حملته من مباديء إصلاحية في النظام السياسي والاقتصادي والفكر الديني بل بشخصية قائدها الثائر وهو صالح بن مسرح. من خلال تتبعنا لتاريخ هذا الثائر نجد أن شخصيته ابعد ما تكون عن قادة ثورات الخوارج من خلال دخوله في دائرة العلم والتعليم والتنسك الديني, مما يجعلنا نستنتج أن الظلم الاجتماعي والاقتصادي الذي مارسته السلطة الأموية وولاتها ساهم في خروج هذا الناسك من عزلته فضلا عن الليبرالية السياسية التي أسسها معاوية, والتي أسماها مواكلة حسنة ومشاربة جميلة ساعدت إلى حد ما في السماح لظهور ايديولوجيا معارضة لايديولوجيا السلطة كالخوارج والقدرية والجهمية وغيرها. نجد هنا أن هذا الناسك خط طريقا نظريا حوله إلى ممارسة عملية ثورية، وقد ساعده في ذلك الكاريزمة الجاذبة لأصحابه، مما جعلهم يقدمون على الموت ويفدونه بحياتهم رغم المصير المحتوم الذي كان ينتظرهم. وكانت ثورة صالح قد تعدت الثورة الفكرية الدينية إلى ثورة اجتماعية واقتصادية ضد ظلم السلطة الأموية في عصرهم.