الجماعة الإسلامية واليهودية تحت الحكم الإسباني في أرغون: دراسة تاريخية عن علاقة الأقلية بالأقلية
الملخص
هذا البحث يسلط الضوء على جانب مهم من جوانب العلاقة مع الآخر غفل عنه المسلمون طيلة تلك القرون التي حكموا فيها الأندلس، وغياب هذا الوعي في التعامل مع الآخر أمر خطير، كان له تبعاته، خاصة في ظل وضع الأندلس الحساس، حيث الأعداء يحيطون بها من كل جانب ، ونعني بالآخر هنا " الطائفة" اليهودية"، التي منحها المسلمون حكاماً ومحكومين ثقة لم يكونوا أهلاً لها، إذ لم يحفظوا للمسلمين يداً، ولم يرعوا لهم ذمة ، وكشفوا عن وجههم لقبيح بمجرد أن انقلبت موازين القوى في شبه الجزيرة الأيبيرية لصالح النصارى، وأصح المسلمون واليهود رعايا لحكومة جديدة، لا تشابهما ديناً ولا عرقاً، وتتعامل مع الطرفين كأقلية، وهكذا دخلت الجماعة اليهودية في صراع مستمر مع مسلمي أرغون "المدجنون" من أجل اقصاءهم ، والفوز بمركز الصدارة لدى السادة الجدد، وشعارهم في ذلك أن" الغاية تبرر الوسيلة"، وقد تنوعت مجالات الصراع بين الجماعتين ما بين عقدي واقتصادي واجتماعي، وكان اليهود دائما هم الطرف المستفز للجماعة الإسلامية في أرغون، والحقيقة أن تملقهم لملوك النصارى وتزلفهم إليهم، لم يغني عنهم شيئاً، واردتهم نواياهم السيئة، فالمكر السيء لا يحيق إلا بأهله، وهكذا انتهى بهم المطاف إلى الطرد من الأندلس على أيدي النصارى أنفسهم، بعد مذابح مروعة لليهود، وتدمير لمعابدهم، واجبارهم على التنصر.